للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة".

فالمراد (في الآية) (١) أنه سبحانه يقول للشيء الثابت في علمه كن فيكون، وليس المراد أنه يقول للشيء الموجود في الخارج في كن فيكون حتى يلزم المحال، فالذي يقال له كن هو الذي يراد قبل أن يخلق لأنه متميز في علم الله سبحانه وسابق قدره.

قوله في الرواية الثالثة: "يا ابن آدم كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم".

أخبر سبحانه عباده بأنهم متلوثون بالذنوب مقارفون للمعاصي للعلة التي ذكرناها فيما تقدم إلا من عافاه الله منهم من الوقوع في موجبات الذنوب وأسبابها، وهؤلاء المذنبون قد فتح لهم عز وجل باب الرحمة، وندبهم إلى الاستغفار، وسد باب الإياس وأغلقه، لأنه سبحانه لا يتعاظمه ذنب كائنا ما كان حتى الشرك بالله! والكفر به!، فإنه لا خلاف أن الكافر إذا أسلم غفر الله له ذنوبه وجب الإسلام ما قبله، ولهذا يقول سبحانه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ... } إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا} (٢) وفي الآية الأخرى: {فَإِنْ تَابُوا} إلى قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (٣). وقال سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} إلى قوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ .... } (٤).

فالتوبة من هذا الذنب الذي هو أشد الذنوب تمحوه! ويصير التائب من الذنب كمن لا ذنب له! وما عدا ذلك من الذنوب فالاستغفار يرفعه لأن مجرد الاستغفار مشعر بالتوبة إلا أن يكون الذنب من حقوق بني آدم المالية، فلا توبة منه إلا برده أو استطابة نفس


(١) يشير إلى قوله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل: ٤٠].
(٢) [التوبة: ٥]
(٣) [التوبة: ١١]
(٤) [المائدة: ٧٣ - ٧٤].