للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورد على آخرين بما وصفوا رجلا بالنفاق فقال: " أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ " وهذا كله ثابت في الصحيح (١)، وأيضا فذلك الرجل الذي قال فيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " بئس أخو العشيرة " (٢)، لم يكن إذ ذاك قد صلح إسلامه (٣)، بل هو من جملة من كان يتبع الإسلام ظاهرا مع اضطراب حاله. وبقي أثر الجاهلية عليه [٦أ]. وقد كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يتألف أمثال هذا، ويعاملهم معاملة المسلمين الخالصي الإسلام، مع علمه وعلم أصحابه بما هم عليه، وكان يقول لمن يأتيه منهم: " هذا سيد بني فلان، هذا سيد قومه، هذا سيد الوبر " (٤) ونحو ذلك، بل كان يتآلفهم


(١) أخرجه مسلم رقم (٥٤/ ٣٣) عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال: قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعث إلي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذ مصلى. قال: فأتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم، قالوا: ودوا أنه دعا عليه فهلك، وودوا أنه أصابه شر، فقضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة. وقال: " أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " قالوا: إنه يقول ذلك، وما هو في قلبه. قال: " لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فيدخل النار أو تطعمه ".
قال النووي في " شرحه لصحيح مسلم " (١/ ٢٤٤): وفي هذا دليل على جواز تمني هلاك أهل النفاق والشقاق ووقوع المكروه بهم.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرج الطبراني في " الكبير " (١٨/ ٢٣٩) رقم (٨٧٠) والحاكم في " المستدرك " (٣/ ٦١٢) والبخاري في " الأدب المفرد " رقم (٩٥٣) عن قيس بن عاصم المنقري، وفيه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: " هذا سيد الوبر ".
وأخرج الحاكم في " المستدرك " (٣/ ٦١١) عن قيس بن عاصم المنقري، وفيه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: " هذا سيد الوبر ". وهو حديث حسن لغيره.