للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذه دواوين الإسلام، ومسانيدها، ومعاجمها، وسائر المصنفات في السنة مشحونة بذكر الألقاب؛ كالأعمش، والأعرج، والأعور، ونحوها.

قلت: [لا يصلح] (١) إيراد مثل هذا في مقابلة النهي القرآني المصرح بتحريم التنابز بالألقاب، وإنما يقتدي الناس بأهل العلم في الخير، فإذا جاءوا بما يخالف الكتاب والسنة فالقدوة الكتاب والسنة، مع إحسان الظن بهم، وحملهم على محامل حسنة مقبولة.

فإن قلت: فإن كان صاحب اللقب لا يعرف إلا به، ولا يعرف بغيره أصلا؟

قلت: إذا بلغ الأمر إلى هذه النهاية، ووصل البحث إلى هذه الغاية، لم يكن ذلك اللقب لقبا، بل هو الاسم الذي يعرف به صاحبه؛ إذ لا يعرف باسم سواه قط. والتسمية للإنسان باسم يعرف به، لا سيما من كان رواة العلم الحاملين له المبلغين ما عندهم منه إلى الناس، أمر تدعو [الحاجة إليه] (٢) وإلا بطل ما يرويه من العلم، خصوصا ما كان قد تفرد به ولم يشاركه فيه غيره، وعلى هذا يحمل ما وقع في المصنفات من ذكر الألقاب؛ فإنها أهلها وإن كانت لهم أسماء، ولآبائهم ولأجدادهم، فغيرهم يشاركهم فيها، فقد يتفق اسم الرجل مع الرجل، واسم أبيه مع أبيه، واسم جده، فلا يمتاز أحدهما عن الآخر [٧أ] في كثير من الحالات إلا بذكر الألقاب ونحوها.


(١) في (ب): لا يصح.
(٢) في (ب): إليه الحاجة.