للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: فإن قلت: هذا الحديث وارد في القيام على القاعد، الإشارة في هذا السؤال إن كانت عائدة إلى حديث أبي أمامة (١) الذي وقع منه الاستدلال به، لم يناسبه الجواب بقوله: قلت: التقييد. . إلخ؛ إذ لا تفسد فيه وإن كانت عائدة إلى حديث " من سره أن يتمثل. . . " إلخ كما هو الظاهر، فلا حاجة إلى إيراد هذا السؤال والجواب، كما أنه لا حاجة إلى إيراد السؤال الذي بعده، فإن السرور بالقيام محرم أو مكروه مطلقا، سواء كان ذلك القيام جائزا كالقيام للوارد، أو محرما كالقيام على رأس القاعد.

قوله: فالحق منع القيام بمجرد التعظيم. كان الأظهر على ما تزعمونه أن يقال: فالحق منع قصد التعظيم؛ إذ لا يقال لمن يصدق رياء: الحق ترك الصدق رياء، بل يقال له: الحق ترك الرياء بمجاهدة النفس بإخلاص العمل.

قوله: وقد شدت هذه الشواهد من عضد حديث أبي أمامه الذي سبق، إنما هما [٧] شاهدان (٢). وقد عرفت بطلان شهادتهما، فبقي دعوى منع التعظيم بالقيام مستندة إلى حديث ضعيف لا تقوم به الحجة، ولا شاهد يعضده.

قوله: ونحن نقول بموجب ما احتجت به.

أقول: من موجب ما وقع به الاحتجاج القيام للتعظيم، عملا بإطلاق القيام في تلك الأدلة، وأنتم لا تقولون به، والمقيد لذلك الإطلاق على زعمكم لا يصلح للتقييد لو كان نصا في محل النزاع، فكيف وهو ظاهر فيه! فكان قولكم: لأن هذه الأدلة خالية عن ذلك التقيد دعوى بلا برهان. وخلاصة المقال في هذا المقام أن هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة الشاملة لأقسام السنة قد دلت على جواز مطلق القيام للوارد، سواء كان لتعظيم أو غيره، فلا ينتقل عن هذا الإطلاق تخصيصه لغير التعظيم إلا بدليل صحيح مساو لتلك الأدلة أو دونها، بحيث تصلح للاحتجاج، ومن ادعى تحريم قصد التعظيم


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر أول الرسالة.