للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خفي على المعدل، وإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل: التعديل أولى، والصحيح (١) الذي عليه الجمهور أن الجرح أولى؛ لما ذكرناه، والله أعلم. انتهى.

وليقتصر على هذا القدر فيما أوردناه، وبه تعرف ما يرد على بقية تلك الأبحاث مما أوردناه، إلا ما ذكره مولاي العزي - حفظه الله - في آخر كلامه من قوله: ولهذا تعرف أن قولك: إن حديث أبي أمامة لا يقوى على معارضة ما في الصحيحين - غير مناسب، فلا يكفي فيه الإجمال، فبيان هذه القاعدة وإيضاحها من المهمات؛ لكثرة دورانها.

فأقول: المطلق والمقيد، ومثلهما العام والخاص قبل حمل أحدهما على الآخر متصف كل واحد منهما بأنه معارض للآخر؛ إذ قد دل بإطلاقه، والعام بعمومه على خلاف ما دل عليه المقيد والخاص، وهذا معنى التعارض.

قال العلامة ابن الإمام: أما التعارض الواقع بين الظاهر من الكتاب والسنة؛ فإن كانت السنة متواترة [٨] فهي كالكتاب، وإن كانت آحادا فإن تساويا في المتن وفيما يرجع إلى أمر خارج، فالكتاب أولى؛ لتواتره، وإن كان متنها قطعيا دون متنه فالسنة أولى من ظاهر الكتاب، كأن يكون خاصه وهو عام، أو مقيده وهو مطلق (٢) انتهى.

فهذا تصريح باتصاف المطلق والمقيد، والعام والخاص بالتعارض، ثم يقول: إذا كان كل من المتعارضين أحاديا، وكل منهما أيضًا صالح للاحتجاج، فالعمل بمقتضى ما دل عليه أحدهما إهدارا للدليل الآخر، أو نقضه، والمفروض أنه مساو له في صلاحية الاحتجاج به، فلم يبق إلا الجمع بينهما بحمل أحدهما على الآخر، بأن يعمل بالعام والمطلق في ما عدا الخاص والمقيد، ملاحظة لإعمال الدليلين ما أمكن، وهذا معنى قولهم


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص ٢٥٦)، " علوم الحديث " (ص١٠٩).
(٢) انظر " إرشاد الفحول " (ص ٨٩٠ - ٨٩٦)، " المستصفى " (٤/ ١٦٢)، " البحر المحيط " (٦/ ١١٥).