للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول أم الدرداء: " حدثني سيدي أبو الدرداء "، وقول عمر: " تفقهوا قبل أن تسودوا " (١)، وقول ابن عمر: " ما رأيت بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسود من فلان " (٢).

فقد ثبت مما قدمنا عدم دلالة ذلك الدليل على المطلوب؛ لاقترانه بما يدل على أنهم أرادوا بالسيد معنى يتضمن بعض الغلو الذي لا تريده العرب وأهل الإسلام [٢ب] عند إطلاقه على البشر؛ ولهذا جعله [٤] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استجرار [الشيطان] (٣) واستهوائه.

وثبت أيضًا بما ذكرناه من الحجج أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أثبت لنفسه أن سيد بني آدم على العموم (٤) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٥). وأثبت لبعض أفراد البشر أنه سيد مطلق من غير تقييد (٦)، وأثبت لبعض آخر أنه سيد شباب الجنة، ولبعض آخر أنه سيد كهول أهل الجنة [ولبعض أنه سيد قبيلة من القبائل] (٧) ولبعض


(١) أخرجه الدارمي في سننه (١/ ٧٩) بسند صحيح، قلت: وأخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " رقم (٥٠٨، ٥٠٩) وأبو خيثمة في " العلم " رقم (٩) ووكيع في " الزهد " رقم (١٠٢) والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٧٨) وغيرهم من طرق.
(٢) أخرجه الطبراني في " الأوسط " رقم (٦٧٥٩) وفي " الكبير " (١٢/ ٣٨٧ رقم ١٣٤٣٢).
وقال الهيثمي في " المجمع " (٩/ ٣٥٧) رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وفي رجاله خلاف.
وأورده ابن الأثير في " النهاية " (٢/ ٤١٨) ولفظه: " ما رأيت بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسود من معاوية قيل: ولا عمر! قال: كان عمر خيرا منه، وكان هو أسود من عمر " قيل: أراد أسخى وأعطى للمال، وقيل: أحلم منه.
(٣) زيادة من (أ).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) [النجم: ٣ - ٤].
(٦) انظر " فتح الباري " (٥/ ١٧٧) باب رقم ١٧، كراهية التطاول على الرقيق وقوله: عبدي أو أمتي. وقوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وإمائكم}، وقال: {عَبْدًا مَمْلُوكًا}، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ}، وقال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}، وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قوموا إلى سيدكم "، {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} سيدك، و" من سيدكم ".
(٧) " زيادة من (ب).