للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي البصيرة في القلب كالبصر للعين، فإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب.

قال تعالى: {ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (١)، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " استفت قلبك. . . ثلاثا " (٢)، ثم قال: " وإن أفتاك المفتون " فما لم تكن في قلبه بصيرة يضيء له الحق بها لم يعرف الحق أصلا، فيخبط في البحث خبط عشواء، ويصير كمن ركب متن عمياء ...

قوله: لأنه قد فهم من مقصدهم. قد أنصف العلامة هنا، لكنه لم يصرح بأن ذلك المعنى هو المعهود في مثل هذا المقام حتى يتضح عنده الحق كما اتضح مبدؤه، فإن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (٣).

قوله: ولم يريدوا به المعنى الذي يطلقه البشر على الأنبياء وغيرهم. أي: في غير هذه المواضع كالتوصيف بأنه عالم سيد، أو الإعلام بأن فلان سيد بني فلان وأشباهه.

قوله: فعرفت بهذا أن ذلك الحديث لا يدل على مطلوب المستدل. أي: الذي تمسك به لعدم جواز إطلاقه على البشر مطلقا، فإن ذلك باطل بالكتاب والسنة دلالة وصراحة.

وأما الذي تثبت به للتخصيص به مقام الخطاب مع الإضافة فهو أدل دليل لا بطريق المغالطة التي ارتكبها العلامة، بل بوجه الإنصاف والاعتبار، وقد سلف. . .

قوله: فالدليل حجة عليهم لا لهم يعني الذين منعوا مطلقا.

قوله: فإن في هذا الحديث وذلك ما ننكره أصلا. . .

قوله: وهذه الأحاديث كلها، ومع ذلك كلها دالة على جواز إطلاقه على البشر في غير المقام المتنازع فيه بخصوصه، حتى يتصور التعارض، وتعارض العموم مع كونه غير


(١) [ق: ٣٧].
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم توضيحه.
انظر " فتح الباري " (٥/ ١٧٥)، " المفهم " (٦/ ٤٨ - ٤٩).