للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقدح في ذلك اتفاق بعض حديث عبد الله بن الشخير وحديث غيره، وليس ذلك من الخلط، وليس المقصود إلا إيراد المتن الذي استدلوا به، سواء كان مرويا من طريق واحد من الصحابة أو أكثر.

قوله: بل الإنكار لم يبرح من لدن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يومنا هذا. .

أقول: المطلوب من المعترض - عافاه الله - تصحيح النقل عن هؤلاء الذين أنكروا ذلك من لدن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يومنا هذا، فهذا أقل ما يجب على الناقل. ثم ليعلم أن الذي نفينا إنما هو قول القائل لآخر في مكاتباته أو مخاطبته: يا سيدي أو يا سيد، أو نحو ذلك يوصف بالتحريم، ويوجب الإثم العظيم، فإن ظفر المعترض بمن يقول بأن ذلك محرم من علماء الإسلام فليهده إلينا، فإنه يقول إنه ما زال الإنكار من لدن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يومنا هذا، فإن كان الذي وقع منهم إنما هو مجرد الإنكار من دون جزم منهم بالتحريم فذلك لا ينفعه ولا يضرنا، فإنما قصدنا في بحثنا إرشاد من يقول أن ذلك محرم، ومع هذا فإنا نطلب منه أن يصحح النقل عن المنكرين، سواء قالوا بالتحريم أم لا، فتلك فائدة تستفاد، فإنا لم نجد في شروح الحديث المعتبرة للمتكلمين على هذا الحديث إلا ما هو من قبيل التأويل.

وقد ذكر بعض علماء القرن الثامن كلاما في هذا الحديث، وهو صحيح، ونحن نوافقه في ذلك. ولكن المطلوب من المعترض - عافاه الله - تصحيح النقل باستمرار الإنكار من عصر النبوة إلى الآن، وإن كان مستنده على استمرار هذا الإنكار هو حديث "لا تزال طائفة من الأمة على الحق ظاهرين" (١)، فهذا لا ينفعه ولا يضرنا، فإنا نقول: إن الطائفة التي هي على الحق ظاهرة لا تقول في شيء ورد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه محرم عظيم، وموجب لخروج فاعله من الإسلام، فإن قال إنهم يقولون بذلك فعليه البيان


(١) تقدم تخريجه