للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنا واقفون في موقف المنع، فمن كان ناقلا فعليه تصحيح النقل، ومن كان مدعيا فعليه الاستدلال على دعواه [٨] كما هو دأب المتناظرين (١)، فإن يكن له على ذلك إلا مجرد الدعوى بأن الفرقة الظاهرة على الحق تنكر ذلك فهذه مصادرة على المطلوب، وهي غير مقبولة عند المحققين. .

قوله: فإن السيد في موضع التخاطب والتكاتب يراد به المالك. .

أقول: اعلم أن المعترض - عافاه الله - قد ادعى هاهنا على أهل الاصطلاح - أعني المتكاتبين أو المتخاطبين بلفظ سيدي أو السيد - أنهم يريدون به المالك، وهذا مجرد دعوى، فإن المتكاتبين بذلك، والمتخاطبين به لا يريدون إلا المعنى اللغوي، وهو من ثبتت له الرئاسة حقيقة أو ادعاء على فرد أو أفراد.

أما الحقيقة فظاهر، وذلك بأن يكون رئيسا على فرد أو أفراد. وأما الادعاء فبأن لا تكون له رئاسة لكنه يدعيها له من كاتبه أو خاطبه تأدبا. ومن خاطب أو كاتب بذلك مقتديا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث يقول لقيس بن عاصم: " هذا سيد أهل الوبر" (٢)، ويقول في امرئ القيس: " إنه سيد الشعراء "، ويقول في سعد بن معاذ: " إنه سيد الأنصار "، ونحو ذلك، فما عليه من حرج، وماذا يلزمه من إثم.

ولا نعرف أحدا يكاتب أو يخاطب بلفظ السيد مريدا به المالك، ولا قد سمعنا هذا من أحد من أهل العلم، ولا من رجل من أهل الاصطلاح، فإن كان المعترض يقول هذا بدليل على أنهم يريدون بالسيد وسيدي المالك فما هو؟ وإن كان ينقله عن أحد من أهل العلم أو الاصطلاح فمن هو؟ وإن كان يقول من جهة نفسه فما بمثل هذا يؤكل الكتف.

ولا يحل لرجل مسلم أن يقدم على تأويل كلام إلا بسبب يتعين معه التأويل، وإلا كان ذلك مجازفة، وتعسفا، وخروجا عن دائرة الإنصاف. فيا لله العجب حيث يدعي


(١) تقدم ذكرها
(٢) تقدم تخريجه