من الله - سبحانه - شيء؛ فإن من أحبة الله فقد سعد سعدا لا يماثله سعد، وشرف شرفا لا يقاربه شرف، وفاز فوزا لا يعادله فوز، وأكرم كرامة لا تساويها كرامة، فإن أعظم ما يطلبه عباد الله المغفرة للذنوب، والخاصة منهم يطلبون الرضا عليهم منه.
وحاصل الرضا هو التغاضي عن المؤاخذة، والتجاوز عن التفريط، ولا يستلزم المحبة؛ فإنها أمر وراء ذلك.
ومن حصلت له فقد حصلت المغفرة والرضا مع مزيد خصوصية، وهي المحبة، فإنه ينشأ عنها الإكرام بكل ما يهواه المحبوب، وحصول ما يريده ويطلبه، وهذا والله المثل الأعلى كما هو معلوم بالوجدان أن المحب يتقرب إلى محبوبه بكل ما يعلم أن له فيه رغبة كائنا ما كان، وهذه رتبة تستلزم عدم المؤاخذة، ودخول الجنة، كما قال الله - عز وجل - رادا على اليهود - حيث قال:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} فأفادت هذه الآية أن من يحبه الله لا يعذبه بل يحبوه بأنواع الكرامات، ونفائس التفضلات، وأحاسن العطيات كما يستفاد من معنى المحبة والحب والحبيب والمحبوب.
المنقبة الثانية: قوله: {وَيُحِبُّونَهُ} وهذه كرامة جليلة، ومنقبة جميلة، فإن كون العبد الحقير محبا لربه - عز وجل - هي الغاية القصوى في الإيمان الذي هو سبب الفوز بالنعيم الدائم، وسبب النجاة من العذاب الأليم، ومن أعظم محبة الله - عز وجل - ودلائل صحتها اتباع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في أقواله وأفعاله، والاقتداء به، والاهتداء بهدية الشريف، [٢أ] قال الله - عز وجل -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الآية (١) فمن أحب الله، وتتبع رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فاز بحب الله - عز وجل - له، وبمحو ذنوبه، وارتفاع درجته