ويقال: كلام وجيز, أي خفيفٌ قصير. ويقال: أوجز في صلاته إذا خفَّفها ولم يُطل فيها. الإيجاز في اصطلاح علماء البيان هو: اندراج المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل. وأصدق مثال فيه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} فهاتان الكلمتان قد جمعتا معاني الرسالة كلها, واشتملت على كليات النبوة وأجزائها. وكقوله تعالى: {(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)} فهذه الكلمات على قصرها وتقارب أطرافها قد احتوت على جميع مكارم الأخلاق, ومحامد الشيم, وشريف الخصال. قال أصحاب الإيجاز: الإيجاز قصور البلاغة على الحقيقة, وما تجاوز مقدار الحاجة فهو فضلٌ داخل في باب الهذر والخطل, وهما من أعظم أدواء الكلام وفيهما دلالة على بلادة صاحب الصناعة. وفي تفصيل الإيجاز يقول جعفر بن يحيى لكتّابه: إذا قدرتم أن تجعلوا كتبكم توقيعات فافعلوا. وقال بعضهم: الزيادة في الحد نقصان. وقال محمد الأمين: عليكم بالإيجاز, فإن له إفهامًا وللإطالة استبهامًا. وقال شبيب بن شبّة: القليل الكافي خير من كثير غير شافٍ. وقيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال الإيجاز؟ قيل: وما الإيجاز؟ قال حذف الفضول, وتقريب البعيد!. والإيجاز قسمان: ١) إيجاز حذف, مثاله: قول نعيم بن أوس يخاطب امرأته: إذا شئتِ أشرفنا جميعًا فدعا الله كل جهده فأسمعا بالخير خيرًا وإن شرًّا فا ولا أريد الشرّ إلا أن تا كذا رواه أبو زيد الأنصاري، وساعده من المتأخرين على بن سليمان الأخفش وقال لأن الرجز يدل عليه، إلا أن رواية النحويين: ((وإن شرًّا فا)) و ((إلاَّ أن أتى)) قالوا: يريد: ((وإن شرًّ فشرّ)) و ((إلاَّ أن تشائي)) ويكون بحذف ما لا يخل بالمعنى ينقص من البلاغة. انظر تفصيل ذلك في: (البلاغة العربية) (٢/ ٢٦ ـ ٣٦). (معجم البلاغة العربية) (ص ١٥٥ ـ ١٥٧). ٢) إيجاز قصر: القصر: هو تخصيص شيء بشيء بطريق من الطرق. تقدم ذكر هذه الطرق. والإيجاز عند الرمَّاني على ضربين: مطابق لفظه لمعناه، لا يزيد عليه ولا ينقص عنه، كقولك: (سَلْ أهل القرية) ومنه ما حذف للاستغناء عنه في ذلك الموضع، كقول الله عز وجل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}. وعبر عن الإيجاز بأن قال: هو العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف. انظر: (معجم البلاغة العربية) (ص٧١٢ ـ ٧١٣).