للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمثيليةٌ (١) واقعةُ التبعيةِ، (٢) يدلُّ عليهِ قِوامُ حالِهم.


(١) الاستعارة التمثيلية: مجاز مركبٌ علاقته المشابهة كقول الرمّاح بن ميّادة، وقد أراد أن يعبِّر أنّه كان مقدَّمًا عند صاحبه، ويتمنى ألاَّ يؤخره وكان مقرَّبًا فلا يبعده. ومجتبًى فلا يجتبنه فعبر عن تلك المعاني بقوله:
ألم تكَ في يُمنى يديك جعلتني ... فلا جعلتني بعدها في شمالكا
ولو أنني أذنبتُ ما كنت هالكًا ... على خصلةٍ من صالحات خصالكا
ومنها قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}.
ومتى اشتهرت الاستعارة التمثيلية وكثر استعمالها سارت مثلاً والأمثال لا تغير فلا يلتفت فيها إلى مضاربها إفرادًا وتثنية وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا, بل يشبه المثل بموارده, فينقل لفظه كما هو بلا تصرف.
فتقول لرجال ضيعوا الفرصة على أنفسهم ثم جاءوا يطلبونها (الصيف ضيّعت اللبن) بتاء مكسورة. لأنه في الأصل خطاب لامرأة.
(معجم البلاغة العربية) (ص١١٠).
(٢) تنقسم الاستعارة بحسب لفظها إلى استعارة أصلية، واستعارة تبعية، الاستعارة (التبعية) هي التي لا يكون المستعار فيها اسم جنس غير مشتق فيكون فعلاً أو اسمًا مشتقًا أو حرفًا.
وسميت هذه الاستعارة (تبعية) لأنها تابعة لاستعارة أخرى في المصدر، لأن الاستعارة تعتمد التشبيه والتشبيه يعتمد كون المشبه موصوفًا، والأفعال والصفات المشتقة منها بمعزل عن أن توصف.
والمحتمل للاستعارة في الأفعال والصفات المشتقة منها هي مصادرها، وفي الحروف متعلقات معانيها، فتقع الاستعارة هناك، ثم يسري فيها. *
ومتعلقات معاني الحروف ما يعبّر عنها عند تفسيرها. مثل قولنا: إن معنى (من) ابتداء الغاية. ومعنى (إلى) انتهاء الغاية.
فاستعارة الفعل نحو قول الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} فالمعنى على الحقيقة: بل نورد الحق على الباطل فيذهبه فقد شبه الإيراد بالقذف، واستعير لفظ المشبه به للمشبه، ثم اشتق من القذف بمعنى الإيراد (قذف) بمعنى (أورد) على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
واستعار الدفع للمحو بجامع الإذهاب في كل.
واستعارة المشتق نحو: حكم على قاتلك بالسجن، من القتل بمعنى الضرب الشديد.
واستعارة الحرف نحو قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} فقد شبه مطلق الارتباط بين المستعلي والمستعلى عليه بمطلق الارتباط بين الظرف والمظروف بجامع التمكن أو مطلق الارتباط في كل. فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، واستعير لفظ (في) من جزئيات المشبه به لجزيء من جزئيات المشبه على سبيل الاستعارة التبعية.
(معجم البلاغة العربية) (ص١١٠ ـ ١١١) (المطوَّل) (ص٣٨٠).