للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقريره أن يقال: شُبَّهَتْ حالُهم وهي تمكُّنهم من الهدى، واستقرارُهم عليه، وتمسُّكهم به بحال منِ اعتلى الشيءَ ورَكبَهُ، ثم اسْتُعيرَ للحالةِ التي هي المشبَّه بها [٢] كلمةُ الاستعلاء المستعملةُ في المشبه به، وتدلك على أن الاستعارةَ التبعيةَ تمثيليةُ الاستقراء، وبه يُشعِرُ قولُ صاحب المفتاح ـ رحمه الله ـ في استعارة (لعلَّ) فشبَّه حالَ المكلَّف ... إلى قوله: بحالِ المرتجي إلى آخِره انتهى. (١)

فهذا تصريحٌ بما صرح به السعدُ مع زيادةِ الاستدلالِ على أن الاستعارةَ التبعية تمثيليةٌ بالاستقراء ... ويقولُ إمام الفنِّ السكاكي (٢) صاحبُ المفتاحِ: وإذا عرفت هذا فاسمعْ ما نمليهِ عليك من كلام الشريفِ في حاشيته على الكشافِ، ثم من كلامه في حاشيته على المطوَّلِ، وسنكتُبُهُ هاهنا بحروفه ونتعقَّبه بما هو معروضٌ على معارفِ العارفينَ، مجلُوٌّ على أذهانِ الأذكياء من المتدربينَ، فقال في حاشيته على الكشاف ما لفظه: قوله: ومعنى الاستعلاء ـ يريد أن كلمة (على) هذه استعارةٌ تبعيةٌ ـ شبَّه تمسُّكَ المتقينَ بالهدى باستعلاء الراكبِ على مركوبِه في التمكُّن والاستقرارِ، فاسْتُعيرَ له الحرفُ الموضوعُ


(١) انظر (المطوّل) (ص٣٧٦).
(٢) هو: يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكّاكي الخوارزمي الحنفي أبو يعقوب سراج الدين، ولد عام سنة ٥٥٥هـ توفي سنة ٦٢٦هـ عالم بالعربية والأدب. من كتبه: (مفتاح العلوم) في النحو والبيان والمعاني البديع ...
(الأعلام) للزركلي (٨/ ٢٢٢).