أشياءَ متعددةٍ كان مركَّبًا، وبأن التشبيه المركَّب لا يكونان إلا منتزعين من أمورٍ عدةٍ، فلا فرْقَ إذنْ في وجوبِ التركيبِ بين أن يقالَ: هذا تشبيهٌ بمركَّب، وبين أن يقال: هذا تشبيهٌ منتزعٌ من عدةِ أمورٍ بمنتزعٍ آخر من أمور أخرى.
وهذا كلامُ حقٍّ لا يحومُ حولّهُ شكٌّ ...
وأما منعه هذا المعنى في هذا الجوابِ فهو بالحقيقةِ مكابرةٌ، وتلبيسٌ خوفًا من شناعةِ الإلزامِ.
أقول: قد قدمنا جوابَ الوجهِ الأولِ باختيارِ أنَّه ليس بمنتزعٍ من كل واحد منها بتمامِه، بل هو مأخوذٌ من كل واحد منها، هذا يستلزمُ تركُّبَهُ قطعًا لا يضرُّ السعدَ، فإنه يقولُ أن كلاً من طرفي التشبيهِ منتزعٌ من أمور متعددةٍ، وأن التركُّبَ كائنٌ في المأخذ لا في نفسِ الطرفِ.
فإن كان الشريفُ يريد أنه هو لفظُ الاستعلاء فلا يقول عاقلٌ أن تركُّبَ معنى الاستعلاء وهو انتزاعه من عدة أمورٍ يستلزم تركب لفظِه لا عقلاً ولا لغةً، ولا اصطلاحًا، وإن كان يريدُ به معنى الاستعلاء كما هو صريحُ كلامِه السابقِ فالسعدُ لا ينكرُ ذلك، فإن هيئةَ الاستعلاء الحاصلة [١٢] من المركوب والراكب والركوبِ هي متركبةٌ من هذه الحيثيةِ، أي منتزعةٌ من عدةِ أمورٍ، ولا ينكر هذا إلا مكابرٌ.
والجواب عن الوجه الثاني بتسليم ما ذكره من أن تركَّبَ وجه الشَّبهِ يستلزمُ تركُّبَ كلِّ واحد من الطرفينِ، والطرفَ في محل النزاعِ هو معنى الاستعلاء المنتزعِ من تلك الأمور لا لفظُه، كما يفهم من رسم أهل الفنِّ للتشبيه التمثيلي، فإنه قال في التلخيص: هو اللفظ المستفادُ منه.
والزمخشريُّ، وشرَّاح كلامِه إنما تكلموا في معنى الاستعلاء لا في لفظه، فقال الزمخشري: ومعنى الاستعلاء مَثَلٌ، ولم يقلْ: ولفظُ الاستعلاء مثَلٌ، وهكذا السعدُ إنما شرح كلامَ الزمخشري هذا، وهذا الظرفُ متركِّبٌ من تلك الأمورِ. وقد اضطرب كلامُ الشريفِ فتارةً يجعلُ الطرفَ اللفظَ، وتارة يجعلُه معنى اللفظ كما عرفناك سابقًا، والسعد