لفظُه حاول دفعَه ليتمَّ له ما ذكره آخرًا مع أنه لم يصرِّح في حاشية الكشافِ وحاشيةِ المطوَّل إلا بالاعتراض على أن معنى الكشاف لا يصلُحُ أن يكون طرفًا في للتمثيل حسبما قدمنا حكايةً ذلك عنه، ولكنه غيَّر كلامه، ورجع إلى الكلام على اللفظِ الدال على ذلك المعنى أحيانًا كثيرةً، هذا تكميلاً للاعتراض وتقويمًا لهذه المباحثةِ التي لم يكن بها انتهاءٌ.
قال: فإن قلت: قد تبين لنا مما قررت أن الصوابَ هو أن طرفي التشبيه [١٨] يتركَّبان معنى ولفظًا، فإن التركيبَ واجبٌ في الاستعارة التمثيليةِ كما صرَّح به في الإيضاح، (١) وشهد به المفتاحُ، وتبين أيضًا أن الاستعارةَ التبعيةَ في كلمة (على) لا تجامِعُ التمثيليةَ أصلاً، فما حال التبعيةِ في سائر الحروف والأفعالِ والأسماء المتصلةِ بها؟ قلت: هي لا تجامعُ التمثيليةَ في شيء منها، وذلك لأن معاني الحروف كلَّها مفرداتُ لكونها مدلولةً لألفاظ مفردةٍ، وكذلك متعلَّقاتُ معانيها من حيث إنها مفهومةٌ من تلك الحروف، ومعاني الأفعال ومصادِرُها، والأسماء المشتقة منها مفرداتٌ أيضًا لما ذكرنا، وليس شيء من هذه المعاني هيئةً مركَّبة، وحالةٌ منتزعةٌ من عدةِ أمورٍ فلا يقع شيء منها مشبَّهًا به أصالةً ولا تَبَعًا في الاستعارةِ التمثيليةِ.
أقول: قد كان في أوائل كلامه يدعي أن الاستعلاء من المعاني المفردة، وأطال الكلام في ذلك، وكرر أنه لا بدَّ أن يكون المعنى مركبًا، ثم عاد بحثُه إلى أن لفظ الاستعلاء ونحوه لا يصلحُ بطرفيّهِ التمثيلِ لكونه مفردًا، ثم إنه هاهنا صرح بأن الصوابَ أن يكون طرفا التشبيهِ التمثيليِّ مركبين معنى ولفظًا، ثم استدلَّ على ذلك بأن التركيبَ واجبٌ في الاستعارة التمثيلية، وزعم أنه صرح بذلك في الإيضاح، وشهد له كلام المفتاح، وهذه مغالطة بيِّنةٌ، فإنه جعل الدليلَ على تركُّبِ لفظِ كلٍّ من الطرفين ومعناهُ هو كون التركيبِ واجبًا في الاستعارةِ التمثيليةِ.