للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: الكلامُ في الختْم المذكور كالكلام في الاستعارةِ، فكل واحد منهما منتزعٌ من أمور متعددةٍ هي المذكورةُ هناك وهنا، وذلك هو المعتبرُ في الاستعارةِ التمثيليةِ، وأيضًا المستعار منه هو معناهما كما تقدَّم تحقيقهُ، وبيانُ النصِّ عليه والتصريحُ به، ولا مانع من تعدُّدِه لا عقلاً ولا لغة، ولا اصطلاحًا [٢٢] كما أنه لا تلازُمَ بين اللفظ والمعنى في التعدد لا عقلاً، ولا لغةً، ولا اصطلاحًا، بل وجودُ المعاني المتعددةِ المدلولِ عليها بالألفاظ المفردةِ معلومٌ بالضرورة كما تقدم تقريرُه غَيْرَ مرَّة ...

قال: ثم إن الشارح ـ يعني السعد ـ بعدما جرى في المباحثة في إبطالنا الاستعارةَ التمثيليةَ التبعيةَ في صورة جزئيةٍ، أعني كلمةَ (على) كما حققنا، وتشبثُه بما لا يُتشبَّثُ به كما مضى فكَّر في نفسه برهةً، وقدَّر وصوَّر ذلك الجزئيَّ في صورة كلية، وقرَّر فقال لا يقال الاستعارةُ التبعيةُ الحرفيةُ لا تكون تمثيليةً، لأنها تلتزم كونَ كلٍّ من الطرفين مركبًا ومتعلِّقُ معنى الحرف لا يكون إلا مفردًا، لأنا نقول: كلتا المقدمتينِ في حيِّز المنعِ، فإن مبنى التمثيل على تشبيهِ الحالةِ بالحالةِ، بل وصْفُ صورةٍ منتزعةٍ من عدَّةٍ أمور بوصفِ صورةٍ أخرى، وهذا لا يوجب إلا اعتبارَ التعدُّد في المأخذ لا فيه نفسِه، ولا ينافي كونَه متعلِّق معنى الحرف. ومن البيِّن في ذلك تقريرُ المفتاحِ لاستعارةِ (لعل) في: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

هذه عبارتُه بعينها ومَيْنها، وأنت بعد خِبْرتَكَ بتحقيق ما سلفَ في وجوب إفراد متعلِّقاتِ معاني الحروفِ، ووجوبِ تركُّبِ ما يُنتزعُ من أمورٍ متعدِّدةٍ تعلَمُ بسقوط منعيهِ معًا سقوطًا لا مِريةَ فيه ولا خفاء، وعبارتُه هذه مختلَّةٌ أيضًا، فإن قوله: بل وَصْفُ صورةٍ صوابُهُ أن يقال: بل صورةٌ، فإنَّ المشبَّه مثلاً هو الصورةُ المنتزعةُ لا وصفُها، فلفظُ الوصف مُسْتَدَرَكٌ في الموضعين هاهنا بخلافِ ما في عبارة المفتاحِ حيث قال: ومن الأمثلةِ استعارةُ وصفِ إحدى صورتينِ منتزعتين من أمور لوصفِ الأخرى. وقد صرح بذلك حيث قال: شبَّه صورةَ تردُّدِهِ هذا بصورةِ تردُّدِ إنسان لم يدخلْ رومًا للمبالغةِ في