للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التشبيهِ، فيكسوها وصفُ المشبَّه به من غ ير تعبيرٍ فيه، وأما قوله: ومن البيِّنِ فقد بيَّنا أنه خيالٌ فاسدٌ لا يلتبسُ على من له قدَمُ صِدْقٍ في القواعد البيانية.

واعلم أن الفاضل اليمني توهَّم اجتماعَ التبعيةِ والتمثيليةِ من عبارة المفتاحِ، لكنه لم يصرحْ بأن طرفي تلك التمثيليةِ يكونان منتزعيْنِ من أمور عدَّةٍ فخفى الفسادُ في كلامه، والشارحُ قلَّده في ذلك، وزاده ما أظهر فسادَه، فتثبتْ أنت في رعايةِ القوانينِ، ولا تكن من المقلِّدين الذين يحسبونَ أنهم يحسنون صُنعًا.

أقول: لا يخفى على ذي فهم سليمٍ، وقدمٍ في العلوم قويمٍ أنَّ كلام السعد هذا في غاية [٢٣] المتانةِ والرصانةِ والمطابقةِ لأساليبِ الجدلِ، والمناسبةِ لقواعدِ المناظرةِ، فإنه قال لا يُقالُ: الاستعارةُ التبعية الحرفيةُ لا تكون تمثيليةً، لأنها تلتزمُ كونَ كلٍّ من الطرفينِ مركبًا، ومتعلَّقُ معنى الحرف لا يكون إلا مفردًا، لأنا نقول: كلتا المقدمتينِ في حيِّز المنع فهذا الكلام لا يشكُّ مَنْ نظَرَ فيه أنه قد جرى من مسالك الإنصاف في أوضح مسلكٍ، وأبينِ طريقٍ، لأنه حاصلُ ما اعترضَ الشريفُ عليه، فإنه بنى اعتراضَهُ على دعوى كون متعلَّق معنى الحرف مفردًا، وعلى دعوى كون كلٍّ من طرفي الاستعارةِ التمثيليةِ مركَّبًا، ولا يشكُّ عارفٌ أنه يصدُقُ على كلِّ منهما اسمُ الدعوى في مصطلح علم المناظرةِ، فأجابه السعد بالمنعِ الذي هو بمعنى طلب الدليل فلم يأت الشريف في هذا الكلام الطويل الذي كتبناه وتعقبناه بشيء يكون دليلاً. ولا نَقَلَ عن أهل الفنِّ ما يشهُدُ لما ادَّعاه حتى يُحمَلَ كلامُهُ علمًا على تقليد أهل فنِّ البيان.

وغايةُ ما ساقه في هذه الأبحاثِ هو مجرَّدُ الدعاوى، كما بينه في كل موضع، ولم يأتِ هنا في جواب المنعين إلا باتهام المقصرينَ أنهما من [ .... ] (١) ثم زعم أنه قد أسلفَ ما يجب العلم بسقوط هذين المنعينِ سقوطًا لا مريةَ فيه ولا خفاء، ولست أدري كيفَ وقعَ هذا المحققُ الكبير والعلامةُ النِّحرير في مثل هذه التعسُّفات الخارجة عن الأساليب المعتبرة!


(١) كلمة غير واضحة في المخطوط.