للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغلَّطوا من وَهِمَ اسمٌ لنهر واحد كما تقدم عن النووي. (١)

قوله ـ أبقاه الله ـ: وأما زَعْمُ من زعم المعارضَةَ: أقول: لا معارضةَ بين الحديثينِ، ولا أدرى من زعمَهما وإنما وقع في كلام الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٢) ما يُفْهِم الترادُفَ فقال فيه في شرح قوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ: «وإذا أربعةٌ أنهارٍ: نهرانِ ظاهرانِ، ونهرانِ باطنانِ، فقلتُ ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهرانِ في الجنة، وأما الظاهران فالنيلُ والفراتُ» ما لفظه: وأما الحديثُ الذي أخرجه مسلم (٣) بلفظ: «سيحانُ وجيحانُ، والنيلُ والفراتُ من أنهار الجنة» فلا يعارضُ هذا لأن المرادَ به أن في الأرض أربعةَ أنهارٍ أصلُها من الجنة، وحينئذ لم يثبت لسيحونَ وجيحونَ أنهما يُنبعانِ من أصلِ سِدْرَةِ المنتهى، فيمتاز النيلُ والفراتُ عليهما وجيحون بذلك [١٣]. وأما الباطنانَ المذكورانِ في حديث الباب فهما غير سيحونَ وجيحونَ، والله أعلم ... انتهى.

فانظر كيف بيَّن عدمَ التعارُضِ بين حديث: «سيحانُ وجيحانُ .. » إلى آخره ...

وبين حديث: «وإذا أربعةُ أنهارٍ ... » المذكورِ. بأنه لم يثبتْ لسيحونَ وجيحونَ أنهما ينبعان من أصل سدرةِ المنتهى، يعني كما ثبت ذلك للنيلِ والفراتِ في حديث المعراجِ، مع أنه لا ذكر لسيحونَ وجيحونَ في الحديث أصلاً، ما ذاك إلا بناءً على ترادُفِ سيحانَ وجيحانَ، وسيحون وجيحونَ، وهو غلط لا يخْفَى، وسائر كلامه صحيحٌ.

فقد ثبت في صحيح مسلم (٤) من حديث أنس رضي الله عنه ما لفظه: وحدّثَ نبيكم أنه رأى


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٧/ ١٦٧ ـ ١٧٧).
(٢) (٧/ ٢١٣ ـ ٢١٤)، ورقم الحديث (٣٨٨٧) من حديث أنس بن مالك بن صعصعة رضي الله عنه الحديث.
(٣) في صحيحه رقم (٢٦/ ٢٨٣٩).
(٤) في صحيحه رقم (٢٦٤/ ١٦٤)، وأخرجه البخاري رقم (٣٢٠٧) وقد تقدم.