للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرا التعبير بأحد الحرفين عن الآخر في مواضع (١) من كتاب الله، وفي كثير من كلام الفصحاء، وكان هذا محمولا عليه، لا سيما إذا ألجأ إلى ذلك الدليل الصحيح، فإن المصير إليه متعين، والقول به متحتم على أنه لو كان في تلك التأويلات ما هو أقرب منه إلى الصواب لكان المصير إليه أولى، والقول به أحق، لكنه أقر ها وأظهرها. ومن وجد غيره أولى منه بالمصير إليه فلا حجر عليه، فليس المراد إلا الجمع بين ما يظهر فيه التعارض من آيات الكتاب العزيز، ومما يؤيد وجوب المصير إلى الجمع. ممثل ما ذكر له أن هذه المشيئة [٦أ/ب] التي وقعت بعد الأشقياء قد وقعت بعد السعداء كما في سورة هود، وإجماع المسلمين على تأويلها في جانب السعداء يقوي تأويلها في جانب الأشقياء.

فإن قلت: فما تقول فيما قدمته عن السلف الصالح، فإن بعضهم قد صرح. مما قالت به هذه الطائفة القائلة بفناء النار، وانقطاع العذاب عن أهلها؟.

قلت: قد عرفناك أنه لم يصح عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- شيء في ذلك. وأما ما روي عن بعض الصحابة فقد قالوا. مما فهموه من التقييد بالمشيئة، وليس ذلك حجة على غيرهم. وأيضا قد خالف هذا البعض من الصحابة بعض آخر فقالوا بالتأويل لتلك المشيئة، فلو كان قول البعض منهم يجب المصير إليه لكان قول البعض الآخر كذلك، فيستلزم القول بالشيء ونقيضه، وهو باطل، وما استلزم الباطل باطل مثله. وهكذا قول من بعدهم من التابعين وتابعيهم، وسائر الأئمة لا حجة في ذلك على أحد من الناس، ولا سيما وقد خالفهم الجمهور الكبير، والسواد الأعظم. وعلى كل حال فالموافق للدليل الحق هو الأسعد بالحق، سواء وافقه غيره أو خالفه، فلا اعتبار بغير الدليل. وإذا عرفت هذا الجمع بالنسبة إلى ما في سورة الأنعام وسورة هود فهكذا ما في سورة عم، فإنه يجعل ذلك خاصا. ممن عقابه متناه كما سلف، أو يقال: إنه مقيد. مما


(١) انظر التعليقة السابقة.