للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جواب الإمام محمد بن علي الشوكاني]

الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله خير آل.

وبعد: فإن السائل - كثر الله فوائده - وصل إلي راقم الأحرف - غفر الله له - طالبا منه أن يرقم ما يظهر له في توجيه ما سأل عنه، فوجدت هذا الجواب الذي حرره مولاي العلامة ضياء الإسلام، شرف الدين بن إسماعيل بن محمد بن إسحاق (١) - عافاه الله - قد أفاد وأجاد، وحصل به المراد من الإرشاد، فإن حمل الأمير على الندب الذي هو أحد معانيه ايثزية بقرينة مشاركة سائر الصحابة - رضي الله عنهم - لأمير المؤمنين - كرم الله وجهه - في أخذ الشريعة عن الرسول الأمين - صلى الله عليه وآله الطاهرين- دون إنكار هو وجه صحيح، وجمع جامع لكل معني صبيح.

وخطر بالبال وجه آخر يصلح أن يكون ملتحقا بذلك الوجه، وهو أن يقال: إن كان الألف واللام في (العلم) (٢) للاستغراق كان ذلك من صيغ العموم كما تقرر في علم الأصول، وعلم المعاني، ويكون هذا العموم مخصصا. مما اشترك فيه أمير المؤمنين هو وسائر الصحابة من العلوم التي أخذوها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من دون إنكار منه، وهي العلوم الشرعية التي أميره الله بأن يبلغها إلي أمته، فيبقى من العلم ما لم يشاركه فيه غيره، ويكون ذلك هو المراد بالحديث، ويبني العام (٣) على. . . . .


(١) السيد شرف الدين بن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد ولد سنة ١١٤٠ هـ، وهو أحد علماء العصر وفضلائه ونبلائه. له في كل علم نصيب وافر لا سيما علم الأصول فهو المتفرد به غير مدافع.
وله رسائل رصينة وإذا حرر بحثا جاء. مما يشفط ويكفى، وهو من بقايا الخير في هذا العصر لجمعه بين طول الباع في جميع العلوم مع السن والشرف، وتوفي في آخر شهر رجب سنة ١٢٢٣ هـ رحمه الله. "
البدر الطالع " (١/ ٢٧٧ - ٢٧٨).
(٢) انظر: " جمع الجوامع " (١/ ٤١٢) و" الكوكب المنير " (٣/ ٣٤). " المستصفي " (٢/ ٣٧).
(٣) العام: هو لفظ دال على جميع أجزاء ماهية مدلوله أي مدلول اللفظ.
انظر "الكوكب المنير"
(٣/ ١٠١). وقيل: هو اللفظ الموضوع وضعا واحدا للدلالة على جميع ما يصلح له من الأفراد على سبيل الشمول والاستغراق من غير حصر في كمية معينة أو عدد معين.
انظر: " تفسير النصوص " (٢/ ٩ - ١٠) د. محمد أديب الصالح.