للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحاصل أن المجعولين فوق الذين كفروا هم أتباع عيسى قبل النبوة المحمدية، وهم النصارى والحواريون، وبعد النبوة المحمدية هم المسلمون والنصارى والحواريون، الأولون هم الأتباع حقيقة، وغيرهم هم الأتباع في الصورة. وقد جعل الله الجميع فوق الذين كفروا من اليهود وسائر الطوائف الكفرية. وقد كان الواقع هكذا، فإن الملة النصرانية قبل البعثة المحمدية كانت قاهرة لجميع الملل الكفرية، ظاهرة عليها غالبة لها، وبعد البعثة المحمدية صارت جميع الطوائف الكفرية هبا بين الملة الإسلامية والملة النصرانية ما بين قتيل وأسير ومسلم للجزية، وهذا يعرفه كل من له إلمام بأخبار العالم، ولكن الله- سبحانه- قد جعل الملة الإسلامية قاهرة للملة النصرانية مستظهرة عليها، وفاء بوعده في كتابه العزيز كما في الآيات المشتملة على الأخبار بأن جنده هم الغالبون، وحزبه هم المنصورون. ومن ذلك قوله تعالى: {فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} (١). {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (٢)، {ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا} (٣). وقد أخبر الصادق المصدوق بظهور أمته (٤)


(١) [الصف: ١٤]
(٢) [المنافقون: ٨]
(٣) [النساء: ١٤١]
(٤) لقوله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [الصف: ٩]. وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٧٣١١) ومسلم رقم (١٧١/ ١٩٢١) عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى تأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وللحديث الذي أخرجه مسلم رقم (٥٠٤ رقم ٢٢٢٩) وأبو داود رقم (٤٢٥٢) والترمذي رقم (٢٢٢٩) وقال: حديث حسن صحيح.
وابن ماجه رقم (٣٩٥٢) عن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ". وهو حديث صحيح.