(٢) ذكره ابن منظوري لساد العرب (٧/ ٤٠). (٣) قال ابن حجر في فتح الباري (١/ ٩٠): " وجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها منبهة على ما عداها، إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث: القول والفعل والنية، فنبه على فساد القول بالكذب وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النية بالخلف، لأن خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد، أما لو كان عازما ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق ". ومن ذلك يتبين أد صور ومظاهر نفاق الأعمال كثيرة والصفة الجامعة بيمها تظاهر المرء بخلاف ما يبطن خداعا للناس وتحقيقا لمآربه القي توسوس بها نفسه الأمارة بالسوء، وقد تفشى دلك كثيرا بين المسلمين اليوم حتى صار هذا النفاق تيارا يكتسح بشروره المجتمعات الإسلامية ويسمى بالانتهازية والوصولية والنفعية بحيث ينتهز الإنسان كل فرصة ليصل إلى مآربه ولو على حساب الآخرين، وأصبح لهذا النفاق طرق وحيل وخفايا، كما أقيمت له نظريات تبرره وتنشره وصيغت له أمثال تشجع عليه، ومنها قولهم إن الغاية تبرر الوسيلة وإن الفرصة لا تأتي إلا مرة، بل إن الأدهى من ذلك أن يطلق على هذا النفاق الخسيس أوصاف تصف أصحابه بالذكاء والنباهة والفطانة والحنكة وأر يوصف الأتقياء المتعففون عنه بالغفلة والسذاجة والبساطة في التفكير. . ومن اعتاد مخادعة الناس ليصل إلى مبتغاه لا بد أن يقع في إحدى كبيرتين من الكبائر المهلكة. إما الرياء: بأن يتظاهر بالصلاح والتقوى ليكسب ثقة الآخرين وبستر حيله ومآربه النفسية الباطلة وذلك إذا كان الذين يخادعهم من المؤمنين. وإما المداهنة: لأن يتظاهر بالرضا عن أعمال الكفرة الفسقة والمنحرفين وعدم المبالاة مما يجاهرون به من المعاصي، لكما يظفر. بمكاسب ومصالح من ورائهم. وفي كلتا الحالتين يقع المرء في نفاق الأعمال ويوشك هذا النفاق أن يتأصل في نفسه ويترسخ حتى ينقلب في الحالة الأولى إلى نفاق العقيدة وفي الحالة الثانية إلى الكفر الظاهر. العلاج لاستئصال النفاق ومنع انتشاره في المجتمع المسلم. ١/ تربية النفوس على الإيمان الراسخ والعقيدة الجازمة والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بصدق وإخلاص، وتزكية تلك النفوس حتى تسمو وتتطهر من شرورها وتتذوق حلاوة الإيمان فلا يضرها من خالفها ولا تهزها رياح الشبهات والشهوات مهما عصفت ها. ٢/ سد الذرائع الموصلة إلى النفاق من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد والمداهنة ونحو ذلك، وقد بين سبحانه أن الإصرار على هذه المعاصي يوصل النفاق في القلب فقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: ٧٥ - ٧٨]. ٣/ التحذير من النفاق وعقوبته الشديدة في الآخرة وفضح خفايا المنافقين وكشف خداعهم والشبهة التي قامت في نفوسهم بظنهم أن هذا الخداع يفيدهم ويحقق مآربهم. (منها) قوله تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} [النساء:١٣٨]. (ومنها) قوله تعالى: {إن آلله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا} [النساء:١٤٥]. (ومنها) قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [التوبة: ٦٨]. (ومنها) قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح:٦].