للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضمير (١) في وقدره على الجعل، أي: وقدر جعل الشمس ضياء ونورا منازل، إذا جعل. بمعنى الخلق، فيكون وقدر هذا الخلق الذي خلقه ضياء ونورا منازل إلخ. ثم قال السعد: والظاهر أن المراد بالمنازل البروج، وهو حمل على غير الظاهر، إذ البروج هي المنازل بعينها، فلم عدل إلى هذا؟ وقال: إن بها عدد السنين والحساب بقرانه مع الشمس، وظهوره بعدها. وظاهر القران يقتضى غير هذا، إذ لا دخل به في حساب القران الذي هو من علم المنجمين، فاعتبار الشرع برؤية الهلال لا بقران الشمس، فإنما اعتبار الأشهر عند المنجمين المسمى بالجدول. ثم قال السعد: وذلك لأن المغتبر في الضرع السنة القمرية والشهر الهلالي، فإن أرادهما بحساب المنجمين الذي فيه القران كما ذكره فباطل، وإن أراد الروية فقد صرح بأنه القران , فحصلت هذه الإشكالات. أحسنوا بإمعان النظر والإفادة، جزاكم الله خيرا، انتهى منقولا من خطه- حفظه الله- وأقول: هذا الكلام قد اشتمل على أبحاث سبعة.

البحث الأول: في تقدير الزمخشري (٢). بمضاف إلى المفعول الأول هو سير، أو بمضاف إلى المفعول الثاني هو لفظ ذا، والسؤال عن وجه اختياره لهذه دون تقدير النصب بنزع الخافض، والجواب أن الفعل ههنا وهو قدر يتعدى إلى مفعولين، يقول: قدرت الثوب قميصا، وقدر الأرض جريبا، وقدر المال ألفا، ونحو ذلك، ومفعوله


(١) قال الرازي في تفسيره (١٧، ٣٥ - ٣٦): الضمير في قوله (وقدره) فيه وجهان:
الأول: أنه لهما، وإنما وحد الضمير للإيجاز، وإلا فهو في معنى التثنية اكتفاء بالمعلوم، لأن عدد السنين والحساب إنما يعرب بسير الشمس والقمر، ونظيره قوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه}.
والثاني: أن يكون هذا الضمير راجعا إلى القمر وحده، لأن بسير القمر تعرف الشهور، وذلك لأن الشهور المعتبرة قي الشريعة مبنية على رؤية الأهلة، والسنة المعتبرة في الشريعة هي السنة القمرية كما قال تعالى {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} [التوبة: ٣٦].
(٢) في الكشاف (٣/ ١١٥).