للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا رأى العوام أحد العلماء مترخصاً في أمر مباح هان عندهم.

فالواجب عليه صيانة علمه وإقامة قدر العلم عندهم.

فقد قال بعض السلف: كنا نمزح ونضحك، فإذا صرنا يقتدى بنا فما أراه يسعنا ذلك.

وقال سفيان الثوري: تعلموا هذا العلم واكظموا عليه، ولا تخلطوه بهزل فتمجه القلوب.

فمراعاة الناس لا ينبغي أن تنكر.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: «لولا حدثان قومك في الكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين».

وقال أحمد بن حنبل في الركعتين قبل المغرب: رأيت الناس يكرهونهما فتركتها.

ولا تسمع من جاهل يرى مثل هذه الأشياء رياء، إنما هذه صيانة للعلم.

وبيان هذا أنه لو خرج العالم إلى الناس مكشوف الرأس أو في يده كسرة يأكلها قل عندهم وإن كان مباحاً، فيصير بمثابة تخليط الطبيب الآمر بالحمية.

فلا ينبغي للعالم أن ينبسط عند العوام حفظاً لهم، ومتى أراد مباحاً فليستتر به عنهم.

وهذا القدر الذي لاحظه أبو عبيدة حين رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد قدم الشام راكباً على حمار ورجلاه من جانب، فقال: يا أمير المؤمنين! يتلقاك عظماء الناس. فما أحسن ما لاحظ!

إلا أن عمر رضي الله عنه أراد تأديب أبي عبيدة بحفظ الأصل

<<  <   >  >>