للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حفظ الوقت]

رأس مال الإنسان هو وقته، وحال العلماء ومحافظتهم على أوقاتهم يجب الوقوف عندها والتأمل فيها؛ فإن في مراجعتها إحياء للهمم، وتقوية للعزائم، وطرداً للكسل، وإبعاداً للخمول.

ها هو الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما حضرته الوفاة قال لجاريته: ويحك! هل أصبحنا؟ قالت: لا، ثم تركها ساعة، ثم قال: انظري، فقالت: نعم، فقال: أعوذ بالله من صباح إلى النار، ثم قال: مرحباً بالموت، مرحباً بزائرٍ جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل، ولظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر (١).

وهذا الإمام البخاري رحمه الله يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه، فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره، ثم يطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى، حتى كان يتعدد ذلك منه في الليلة الواحدة قريباً من عشرين مرة (٢).

وذكر في ترجمة سليمان بن إبراهيم العلوي أنه أتى على البخاري


(١) جامع بيان العلم وفضله ١/ ٥٧.
(٢) البداية والنهاية ١١/ ٢٨.

<<  <   >  >>