للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الهمم العالية]

يقول ابن الجوزي متحدثاً عن الأئمة أصحاب العزائم والهمم:

كانت همم القدماء من العلماء علية، تدل عليها تصانيفهم التي هي زبدة أعمارهم. إلا أن أكثر تصانيفهم دثرت، لأن همم الطلاب ضعفت، فصاروا يطلبون المختصرات، ولا ينشطون للمطولات.

ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها، فدثرت الكتب ولم تنسخ. فسبيل طالب الكمال في طلب، العلم الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة؛ فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة.

وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدي، ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد (١).

رحم الله ابن الجوزي وهو يعتب على أهل زمانه، فكيف به لو رأى أهل زماننا، وقد تيسرت لهم أبواب العلم ولكنهم عزفوا عنها؟ ! هي بين أيديهم وتحت متناولهم، ولكن أصحاب الهمم قلائل، وأهل العزائم نوادر.

هاك أيها الحبيب نبذاً عن صبرهم، وكيف كانوا يطلبون العلم؟


(١) صيد الخاطر ص ٥٧١.

<<  <   >  >>