وماذا يجدون من صعوبات في سبيل الحصول عليه؟ لترى الفرق والبون بين أهل ذاك الزمان وبين ما نحن فيه مع الأسف الشديد! !
أراد عبد الله بن القاسم العتكي المصري، السفر من القاهرة إلى المدينة لطلب العلم عند الإمام مالك، وكانت زوجة عبد الله آنذاك حاملاً، فقال لها: إني قد عزمت على الرحلة في طلب العلم، وما أراني عائداً إلى مصر إلا بعد مدة طويلة، فإن شئت أن أطلقك طلقتك فتنكحين من شئت، وإن أردت أبقيك في عصمتي فعلت ولكن لا أدري متى سأرجع إليك، فاختارت البقاء زوجة له، ورحل ابن القاسم إلى مالك، وبقي عنده سبع عشرة سنة ملازماً لمالك لا يبيع ولا يشتري، بل همته مصروفة إلى طلب العلم، وفي هذه المدة ولدت زوجته غلاماً وكبر، ولم يكن يعلم ابن القاسم بولادة ولده؛ لأن أخباره قد انقطعت عن زوجته منذ رحيله. قال ابن القاسم: فبينا أنا ذات يوم عند مالك في مجلسه، إذ أقبل علينا حاج مصري شاب ملثم فسلم على مالك ثم قال: أفيكم ابن القاسم؟ فأشاروا إلي، فأقبل علي يعتنقني ويقبل ما بين عيني، ووجدت منه رائحة الولد، فإذا هو ابني الذي تركت زوجتي حاملاً به وقد شب وكبر.
والجد والتعب ليس في تحصيل العلم وتقييده فحسب، بل إن من أنار الله له طريق العلم فعليه واجب نشره والجلوس لطلبة العلم والمتعلمين والعامة.
إنها زكاة العلم وواجب تعليمه. رحم الله وكيع بن الجراح فقد كان يومه كله في طاعة؛ كان يصوم الدهر، وكان يبكر فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار ثم ينصرف فيقيل إلى وقت صلاة الظهر، ثم