قال ابن الجوزي: رأيت الشره في تحصيل الأشياء يفوت الشره عليه مقصوده.
وقد رأينا من كان شرهاً في جمع المال فحصل له الكثير منه، وهو مع ذلك حريص على الازدياد.
ولو فهم، علم أن المراد من المال إنفاقه في العمر، فإذا أنفق العمر في تحصيله فات المقصودان جميعاً.
وكم رأينا من جمع المال ولم يتمتع به فأبقاه لغيره وأفنى نفسه.
قدم المهم؛ فإن العاقل من قدر عمره وعمل بمقتضاه، وإن كان لا سبيل إلى العلم بمقدار العمر، غير أنه يبني على الأغلب.
فإن وصل فقد أعد لكل مرحلة زاداً، وإن مات قبل الوصول فنيته تسلك به.
فإذا علم العاقل أن العمر قصير، وإن العلم كثير، فقبيح بالعاقل الطالب لكمال الفضائل أن يتشاغل مثلاً بسماع الحديث ونسخه ليحصل كل طريق، وكل رواية، وكل غريب.
ومن أريد وفق. وإن لله عز وجل أقواماً تولى تربيتهم ويبعث إليهم في زمن الطفولية مؤدباً، ويسمى العقل. ومقوماً، ويقال له الفهم، ويتولى تأديبهم وتثقيفهم، ويهيئ لهم أسباب القرب منه.
فإن لاح قاطع قطعهم عنه حماهم منه، وإن تعرضت بهم فتنة دفعها عنهم.
فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم، ونعوذ به من خذلان لا ينفع معه اجتهاد.