قال كميل النخعي: خرجت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الجبانة (أي الخلاء) فقال لي: يا كميل! الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وسائر الناس همج رعاع؛ أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح. العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة.
وكان الإمام البخاري كلما حل مدينة أو نزل أرضاً كان المسلمون يزدحمون حوله حيث يفوق الوصف والبيان.
وكان الناس بعد ما سمعوا تلك الأوصاف الخارقة التي وهبها الله لهذا الإمام الجليل؛ من فقه عديم النظير، وذاكرة خارقة، وتبحر في العلم، كانوا يتمنون رؤيته. فإذا نزل مكاناً تجمعوا حوله بحيث لا يكاد يوجد موضع قدم من شدة الزحام وكثرة الناس.
ولما رجع إلى بخارى عائداً من رحلته الدراسية نصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهل البلد، حتى لم يبق مذكور إلا ونشر عليه الدراهم والدنانير.
وجرى معه مثل هذا في نيسابور.
قال الإمام مسلم:
لما قدم محمد بن إسماعيل (البخاري) نيسابور ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به، استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث (١).
وكان الإمام عاصم بن علي يجلس على سطح في رحبة النخل