للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا تعنيه القدرة على الفهم حتى يلقي السمع وهو شهيد حاضر القلب؛ ليستقبل كل ما ألقي إليه بحسن الإصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة. وليكن المتعلم لمعلمه كأرض دمثة ـ أي لينة سهلة ـ نالت مطراً غزيراً فتشربت جميع أجزائها وأذعنت لقبوله، ومهما أشار إليه المعلم بطريق في التعلم فليتبعه، وليترك رأيه، إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب سماعها مع أنه يعظم نفعها. فكم من مريض محرور يعالجه الطبيب في بعض أوقاته بالحرارة ليزيد في قوته إلى حد يحتمل صدمة العلاج فيعجب منه من لا خبرة له به (١).

وهذا الإمام مالك رحمه الله قال لفتى من قريش:

يا ابن أخي! تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم (٢).

وهذا الليث بن سعد لما أشرف على أصحاب الحديث فرأى منهم شيئاً فقال: ما هذا؟ ! أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم (٣).

وقد قال الإمام الشافعي: لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح (٤).

اصبر على مر الجفا من معلم ... فإن رسوب العلم في نفراته

ومن لم يذق مر التعلم ساعة


(١) الإحياء ١/ ٥٠.
(٢) حلية الأولياء ٦/ ٣٣٠.
(٣) شرف أصحاب الحديث ص ١٧٠.
(٤) مجموع الفتاوى ١/ ٣٥.

<<  <   >  >>