أما محمد بن سلام البيكندي فقد قال: أنفقت في طلب العلم أربعين ألفًا، وأنفقت في نشره أربعين ألفاً.
وقد رحل ابن جرير الطبري لطلب العلم هو ابن ثنتي عشرة سنة، وكان والده يتعاهده بالنفقة بين حين وآخر، قال ابن جرير: فمرة أبطأت عني نفقة والدي وتأخرت، ففتقت كمي قميصي وبعتها واستعنت بثمنها على طلب العلم (١).
وقال الإمام ابن الجوزي في كتابه «لفتة الكبد في نصيحة الولد»، متحدثاً لولده عن نشأته ومبتدأ حاله:
واعلم يا بني، أن أبي كان موسراً وخلف ألوفاً من المال، فلما بلغت دفعوا لي عشرين ديناراً ودارين، وقالوا لي: هذه التركة كلها، فأخذت الدنانير واشتريت بها كتباً من كتب العلم، وبعت الدارين وأنفقت ثمنها في طلب العلم، ولم يبق لي شيء من المال. وما ذل أبوك في طلب العلم قط، ولا خرج يطوف في البلدان من الوعاظ، ولا بعث رقعةً إلى أحدٍ يطلب منه شيئاً قط، وأموره تجري على السداد:{وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}.
أين شباب الأمة اليوم وأين طلب العلم في حياتهم؟ !
إذا رأيت شباب الحي قد نشأوا ... لا ينقلون قلال الحبر والورقا
ولا تراهم لدى الأشياخ في حلقٍ ... يعون من صالح الأخبار ما اتسقا
فذرهم عنك واعلم أنهم همجٌ ... قد بدلوا بعلو الهمة الحمقا