قد عرفت هول الميزان وخطره، وأن الأعين شاخصة إلى لسان الميزان:{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ}[القارعة: ٦ - ١١].
واعلم أنه لا ينجو من خطر الميزان إلا من حاسب في الدنيا نفسه، ووزن فيها بميزان الشرع أعماله وأقواله وخطراته ولحظاته، كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وإنما حسابه لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصيره من فرائض الله تعالى، ويرد المظالم حبة بعد حبة، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده وسوء ظنه بقلبه، ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة فهذا يدخل الجنة بغير حساب، وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه فهذا يأخذ بيده، وهذا يقبض على ناصيته. وهذا يتعلق بلببه، هذا يقول ظلمتني، وهذا يقول شتمتني، وهذا يقول استهزأت بي، وهذا يقول ذكرتني في الغيبة بما يسوءني، وهذا يقول جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول عاملتني فغششتني وهذا يقول، بايعتني فغبنتني وأخفيت عني عيب سلعتك، وهذا يقول كذبت في سعر متاعك، وهذا يقول رأيتني محتاجا وكنت غنيا فما أطعمتني، وهذا يقول وجدتني مظلومًا، وكنت قادرا على دفع الظلم عني فداهنت الظالم وما راعيتني.