ومن كينونة أبيها جعد الشعر وكانت جميلة حسنة الوجه والقد ويقال إن اسم بلدتها (أنصنا) في صعيد مصر.
[في الطريق إلى المدينة]
خرجتا مارية من الإسكندرية مع أختها (سيرين) والخصي (مابور) في حراسة حاطب بن أبي بلتعة وهي لا تدري من أمر مستقبلها شيئًا أو ما تدخر لها الأيام من خير.
سارت وكأنها تسير إلى المجهول، لا تعرف إلى أين ستنتهي، تظهر على محياها سيماء الحزن والتفكر العميق والهموم والوجوم، وأدرك حاطب ما يعتمل في نفسها وما يجيش في خاطرها فأقبل عليها مواسيًا ومحدثًا، وما زال بها حتى سرى عنها ما بها من ألم وحزن، كما استطاع - رضي الله عنه - بما أوتيه من حذاقة ولباقة أن يقنعها بالإسلام فأمنت بالله ربًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا ورسولاً؛ وكانت أختها (سيرين) لا تفارقها فتستمع لما يقوله حاطب عن الإسلام وما يحدث عن شخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشهدت هي الآخرى أيضًا لله - تعالى - بالوحدانية ولمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة إلا (مابور الخصي) فإنه أصر على دينه وعقيدته ولم يُسلم حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهكذا ما دخلت مارية وأختها سيرين - رضي الله عنها - المدينة إلا مسلمتين مؤمنتين وهذه واقعة تاريخية في حياتها تستلفت النظر وتستوقف الباحث.
فقد آمنت - رضي الله عنها - برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تراه وصدقت برسالته قبل أن تسمعه، وأعجبت بشخصه الشريف قبل أن تعاشره رغم أنها كانت قد علمت مقامه ومركزه ومن هن أزواجه.