للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إبراهيم) في حجر أمه الباكية يجود بآخر أنفاسه، فأخذه منها برفق ووضعه في حجره وضمه إلى صدره ليهدأ القلب المضطرب والصدر اللاهث .. ثم غمره - صلى الله عليه وسلم - حزن شديد وألم دام وقال: «إنا يا إبراهيم لا نغني عنك من الله شيئًا» ثم تساقطت عبراته ودموعه - صلوات الله وسلامه عليه - وسكتت أمه متألمة وصاحت أختها سيرين باكية ولم ينههما الرسول عن ذلك وأخذ ينظر إلى جثمان فلذة كبده المسجي في حجره ولا حراك به ولا حياة ينبض بها وتبددت الآمال التي أشرقت يوم مولده، وذهبت شعاعًا مع روحه التي استردها ربها فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا إبراهيم لولا أنه أمُر حق ووعد صدق وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك أشد من هذا».

قال في رواية أخرى: «القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون».

وكأنه بهذه الكلمات - صلى الله عليه وسلم - يواسي مارية الأم المسكينة وقد أحس في أعماق ذاته الشريفة مدي مرارتها ومبلغ تألمها ومسح - صلى الله عليه وسلم - وجفف عبراته وهو يقول: «العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم وعليك لمحزونون».

[الموكب الحزين]

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل جثمان ولده بين يديه وعمه العباس بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - إلى جانبه وطائفة من كبار الصحابة يحيطون به.

وامتلأ قلب مارية همًا وغمًا لفراق أملها الوحيد ثم وصل الموكب إلى البقيع حيث دفن إبراهيم بعد أن صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>