إلى عهد قريب منطوين على أنفسهم، ليس لهم نشاط دعوي كما يقال اليوم، ولكن منذ بضع سنين بدءوا ينشطون وينشرون بعض الرسائل وبعض العقائد التي هي عين عقائد الخوارج القدامى، إلا أنهم يتسترون بخصلة من خصال الشيعة ألا وهي التقية، فهم يقولون نحن لسنا بالخوارج، وأنتم تعلمون جميعا أن الاسم لا يغير من حقائق المسميات إطلاقا، وهؤلاء يلتقون في جملة ما يلتقون مع الخوارج في تكفير أصحاب الكبائر؛ فالآن يوجد في بعض الجماعات الذين يلتقون مع دعوة الحق في اتباع الكتاب والسنة، والسبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين في فهمي ونقدي:
أحدهما: هو ضحالة العلم وقلة التفقه في الدين.
والأمر الآخر -وهو مهم جدا-: أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية، والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة التي يعد كل من خرج عنها من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير ما حديث، بل والتي ذكرها ربنا عز وجل، وبين أن من خرج عنها يكون قد شاق الله ورسوله أعني بذلك قوله عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: آية ١١٥]، فإن الله عز وجل -لأمر واضح جدا عند أهل العلم- لم يقتصر على قوله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}، وإنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين فقال:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.