للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن كلمة الكفر ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية ولا يمكن أن تفسر على أنها تساوي الخروج من الملة، ومن ذلك مثلا الحديث المعروف في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (١)

فالكفر هنا هو المعصية، وهو الخروج عن الطاعة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام باعتبار أنه أفصح من نطق بالضاد تفنن في التعبير بقصد المبالغة في الزجر فقال: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (٢).

ومن ناحية أخرى فهل يمكن أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث " سباب المسلم فسوق" بالفسق المذكور في اللفظ الثالث في الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧]؟

الجواب: قد يكون فسقا مرادفا للكفر الذي بمعنى الخروج عن الملة، وقد يكون الفسق مرادفا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة، وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن أنه كفر دون كفر، وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى، لماذا؟


(١) رواه البخاري في كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر حديث رقم (٤٨)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان قول النبي -صلى الله عليه وسلم- سباب المسلم فسوق .. حديث رقم (٦٤).
(٢) رواه البخاري في "الصحيح" (٤٨) ومسلم في "الصحيح" (٦٤).

<<  <   >  >>