احتج الشيخ الألباني بهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك غيره من العلماء الذين تلقوه بالقبول .. لصدق حقيقته على كثير من النصوص، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" ومع ذلك فإن قتاله لا يخرج الإنسان من الملة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} لكن لما كان هذا لا يرضي هؤلاء المفتونين بالتفكير، صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول، ولا يصح عن ابن عباس. فيقال لهم: كيف لا يصح؛ وقد تلقاه من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث، وتقولون لا نقبل؟ فيكفينا أن علماء جهابذة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -وغيرهما- تلقوه بالقبول ويتكلمون به وينقلونه، فالأثر صحيح. ثم هب أن الأمر كما قلتم أنه لا يصح عن ابن عباس فلدينا نصوص أخرى تدل على أن الكفر قد يطلق، ولا يراد به الكفر المخرج عن الملة، كما في الآية المذكورة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت" وهذه لا تخرج عن الملة بلا إشكال، لكن كما قال الشيخ الألباني -وفقه الله- في أول كلامه: قلة البضاعة من العلم، وقلة فهم القواعد الشرعية العامة، هي التي توجب هذا الضلال. ثم شيء آخر نضيفه إلى ذلك: وهو سوء الإرادة التي تستلزم سوء الفهم؛ لأن الإنسان إذا كان يريد شيئا؛ لزم من ذلك أن ينتقل فهمه إلى ما يريد، ثم يحرف النصوص على ذلك، وكان من القواعد المعروفة عند العلماء أنهم يقولون: (استدل ثم اعتقد)، لا تعتقد ثم تستدل فتضل فالمهم أن الأسباب الثلاثة هي: الأول: قلة البضاعة من العلم الشرعي. الثاني: قلة الفقه في القواعد الشرعية العامة. الثالث: سوء الفهم المبني على سوء الإرادة.