للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإطلاق.

فمن عرف هذا عرف فقه السلف، وعمق علومهم، وقلة تكلفهم.

قال ابن مسعود: (من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، فاعرفوا لهم حقهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ".

وقد كاد الشيطان بني آدم بمكيدتين عظيمتين، لا يبالي بأيهما ظفر:

إحداهما: الغلو، ومجاوزة الحد والإفراط.

والثانية: هي الإعراض والترك والتفريط.

قال ابن القيم لما ذكر شيئا من مكائد الشيطان: قال بعض السلف: ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر.

وقد اقتطع أكثر الناس إلا القليل في هذين الواديين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم الثابت على الصراط الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وأصحابه. وعد -رحمه الله- كثيرا من هذا النوع إلى أن قال: وقصر بقوم حتى قالوا: إيمان أفسق الناس وأظلمهم كإيمان جبريل وميكائيل، فضلا عن أبي بكر وعمر، وتجاوز بآخرين حتى أخرجوا من الإسلام بالكبيرة الواحدة (١)، (٢)


(١) انتهى كلام ابن القيم من "إغاثة اللهفان" (١/ ١١٦ - ١١٧)
(٢) رسالة أصول وضوابط في التكفير للعلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ -رحمه الله- وكافة الحواشي على هذه الرسالة من صنع الشيخ الدكتور: عبد السلام بن برجس العبد الكريم.

<<  <   >  >>