للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وهو متوسِّدٌ بُردةً له في ظِلِّ الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟

فقال: "كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظمٍ أو عصبٍ، وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلَّا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" (١)] (٢).

وقد يُشعِر طلب الدعاء بأنَّ الطالب غير واثق بوعد الله عزَّ وجلَّ له بقوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠].

فإن كان عدم وثوقه لعلمه بأنَّه مُصِرٌّ على الكبائر، كما هي حال أكثر أمراء هذا الزمان فالأمر أشد؛ فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يبتليهم ليرجعهم إلى التوبة والاستغفار والطاعة، فالابتلاء خيرٌ لهم قطعًا، وهم يحاولون التخلُّص من الابتلاء مع الإصرار على الفجور!

وعلى من طلب منه هؤلاء الدعاء لحوائجهم الدنيوية أن يمتنع ويقول: ادعوا لأنفسكم. فإن قالوا: إنَّنا عصاةٌ؟ قال لهم: توبوا وأنيبوا واستغفروا وادعوا لأنفسكم، وشرح لهم هذا المعنى.

وأكثر الذين يُطلَب منهم الدعاء هذا الزمان لا يعرِّجون على هذا، بل


(١) بيَّض المؤلِّف مقدار صفحة، فذكرت هذين الحديثين.
(٢) أخرجه البخاري (٣٦١٢) وغيره.

<<  <   >  >>