للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحرصون على أن يطلب منهم الدعاء؛ ليحصل لهم من الطالبين شيءٌ من الدنيا، بل إنَّ بعضهم يقول: خيرٌ لنا أن يبقى الأمراء والأغنياء فجّارًا؛ لأنَّهم إذا صلحوا استغنوا بالدعاء لأنفسهم، فلم يحصل لنا منهم شيءٌ!

وقد رأينا كثيرًا منهم يجيئه الغني المجاهر بالفجور، يلتمس منه الدعاء فلا يعظه ولا ينصحه، بل يعظِّمه ويكرمه ويفهمه أنَّك ما عليك إلَّا أن تعطيني وتقضي حوائجي وأنا أتكفَّل [لك] (١) بحوائجك عند الله تعالى كلها! فحال الفريقين كما قال الله عزَّ وجلَّ: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣].

فليعلم الأمراء والأغنياء أنَّ طلبهم الدعاء من أمثال هؤلاء شرٌّ لهم في دينهم ودنياهم، وأنَّها إن قُضِيَت لهم حاجة عقب دعاء هؤلاء، فهي وبالٌ عليهم، والله المستعان. فأمَّا من يطلب الدعاء لحاجةٍ ضروريَّة فلا بأس به، كطلب السوداء الدعاء بأن لا تنكشف، ولذلك طلب الدعاء لغيره، ولو لولده.

وقد كان الصحابة يطلبون الدعاء لأولادهم، وشكَت أسماء بنت عُمَيس إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنَّ أطفالها أبناء جعفر بن أبي طالب تسرع إليهم العين، فأذن لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن تسترقي لهم (٢).

وكذلك إذا كانت الحاجة عامَّة، كسؤال الصحابة النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن يستسقي لهم (٣). وغير ذلك.


(١) في الأصل "له".
(٢) أخرجه مسلم (٢١٩٨) وغيره، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٣) أخرجه البخاري (١٠١٥) ومسلم (٨٩٧) وغيرهما، من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <   >  >>