للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العوارض أن يكون في طلب الدعاء مشقة على المطلوب منه، أو شبه إساءة الظن به؛ ولهذا لم يكثر من أكابر الصحابة طلب الاستغفار من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، كرهوا أن يشقُّوا عليه، وعلموا أنَّه يستغفر لهم كما أمره الله عزَّ وجلَّ بقوله: [{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩]، وقوله عزَّ وجلَّ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩] (١)].

وقد وقع من بعضهم طلب الاستغفار لتقصيرٍ خاص، قال عمر رضي الله عنه: [ .. يا رسول الله ادْعُ الله فليوسّع على أمتك؛ فإنَّ فارسًا والروم قد وسَّع عليهم، وأُعْطُوا الدنيا وهم لا يعبدون الله! فجلس النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ــ وكان متكئًا ــ فقال: "أَوَفي شكٍّ أنت يا ابن الخطاب؟! إنَّ أولئك قومٌ عجَّلوا طيِّباتهم فى الحياة الدنيا"، فقلت: يا رسول الله، استغفر لي .. (٢)] (٣).

ومن العوارض أن يخشى على المطلوب منه أن يداخله العجب، فيرى أنَّ الناس إنَّما يطلبون منه الاستغفار لعلمهم بصلاحه.

أو يخشى على الطالب أن يكون غاليًا في الاعتقاد في المطلوب منه، أو أن يقصّر في عمل الخير اتكالًا على استغفار فلان له.


(١) بيَّض المؤلِّف مقدار هاتين الآيتين، فكتبتهما.
(٢) بيَّض المؤلِّف مقدار هذا الحديث، فذكرته.
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٦٨) وغيره، في قصَّة ما أشيع من تطليقه - صلى الله عليه وسلم - نساءه.

<<  <   >  >>