للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعنو القلوب إليك قبل وجوهنا ... سيان من رأس ومن مرءوس

فإذا أقمت فإن رعبك راحل ... يحمي على الأعداء كل وطيس

وإذا رحلت فللسعادة آية ... تقتادها في موكب وخميس

وإذا الأدلة في الكمال تطابقت ... جاءت بمسموع لها ومقيس

فانعم بملكك دولة عادية ... تشقي الأعادي بالعذاب البيس

وإليكها مني على خجل بها ... عذراء قد حليت بكل نفيس

غذراً فقد طمس الشباب ونوره ... وأضاء صبح الشيب عند طموس

لولا عنايتك التي أوليتني ... ما كنت أعنى بعدها بطروس

والله ما أبقت ممارسة النوى ... مني سوى مرس أحم دريس

أنحى الزمان علي في الأدب الذي ... دارسته بمجامع ودروس

فسطا على وفري وروع مأمني ... واجتث من دوح النشاط غروسي

ورضاك رحمتي التي أعتدها ... تحيي منى نفسي وتذهب بوسي

ثم كثرت سعاية البطانة بكل نوع من أنواع السعايات، وابن عرفة يزيد في إغرائهم متى اجتمعوا إليه، إلى أن أغروا السلطان بسفري معه، ولقنوا النائب بتونس القائد فارح من موالي السلطان أن يتفادى من مقامتي معه، خشية على أمره مني بزعمه، وتواطأوا على أن يشهد ابن عرفة بذلك للسلطان، فشهد به في غيبة مني، ونكر السلطان عليهم ذلك، ثم بعت إلي وأمرني بالسفر معه، فسارعت إلى الامتثال، وقد شق ذلك علي، إلا أني لم أجد محيصاً عنه، فخرجت معه، وانتهيت إلى تبسة، وسط تلول إفريقية، وكان منحدراً في عساكره وتواليفه من العرب إلى توزر، لأن ابن يملول كان أجلب عليها سنة ثلاث وثمانين، واستنقذها من يد ابنه، فسار السلطان إليه، وشرده عنها، وأعاد إليها ابنه وأولياءه. ولما نهض من تبسه، رجعني إلى تونس، فأقمت بضيعتي الرياحين من نواحيها لضم زروعي بها، إلى أن قفل السلطان ظافراً منصوراً، فصحبته إلى تونس.

<<  <   >  >>