السرية بهنين وكشفوا الخبر فلم يقفوا على صحته، وحملوني إلى السلطان، فلقيته قريباً من تلمسان، واستكشفني عن ذلك الخبر، فأعلمته بيقينه. وعنفني على مفارقة دارهم، فاعتذرت له بما كان من عمر بن عبد الله المستبد عليهم، وشهد لي كبير مجلسه، وولي أبيه وابن وليه: ونزمار بن عريف، ووزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة، واحتفت الألطاف. وسألني في ذلك المجلس عن أمر بجاية، وأفهمني أنه يروم تملكها. فهونت عليه السبيل إلى ذلك، فسر به، وأقمت تلك الليلة في الاعتقال. ثم أطلقني
من الغد، فعمدت إلى رباط الشيخ الولي أبي مدين، ونزلت بجواره مؤثراً للتخلي والانقطاع للعلم لو تركت له.
مشايعة السلطان عبد العزيز
صاحب المغرب على بني عبد الواد
ولما دخل السلطان عبد العزيز تلمسان، واستولى عليها، وبلغ خبره إلى أبي حمو وهو بالبطحاء، فأجفل من هنالك، وخرج في قومه وشيعته من بني عامر، ذاهباً إلى بلاد رياح، فسرح السلطان وزيره أبا بكر بن غازي في العساكر لاتباعه. وجمه عليه أحياء زغبة والمعقل باستئلاف وليه ونزمار وتدبيره، ثم أعمل السلطان نظره ورأى أن يقدمني أمامه إلى بلاد رياح لأوطد أمره، وأحملهم على مناصرته، وشفاء نفسه من عدوه بما كان السلطان آنس مني من استتباع رياح، وتصريفهم فيما أريده من مذاهب الطاعة فاستدعاني من خلوتي بالعتاد عند رباط الولي أبي مدين. وأنا قد أخذت في تدريس العلم، واعتزمت على الانقطاع، فآنسني، وقربني، ودعاني إلى ما ذهب إليه من ذلك فلم يسعني إلا إجابته. وخلع علي، وحملني، وكتب إلى شيوخ الدواودة بامتثال ما ألقب إليهم من أوامره. وكتب إلى يعقوب بن علي، وابن مزنى