كان السلطان أبو حمو قد التحم ما بينه وبين السلطان أبي عبد الله صاحب بجاية بالصهر في ابنته، وكانت عنده بتلمسان. فلما بلغه مقتل أبيها، واستيلاء السلطان أبي العباس ابن عمه صاحب قسنطينة على بجاية، أظهر الامتعاض لذلك. وكان أهل بجاية قد توجسوا الخيفة من سلطاتهم، بإرهاف حده، وشده سطوته، فانحرفوا عنه باطناً، وكاتبوا ابن عمه بقسنطينة كما ذكرناه.
ودسوا للسلطان أبي حمو بمثلها يرجون الخلاص من صاحبهم بأحدهما. فلما استولى السلطان أبو العباس، وقتل ابن عمه، رأوا أن جرحهم قد اندمل، وحاجتهم قد قضيت، فاعصَوصَبوا عليه؛ وأظهر السلطان أبو حمو الامتعاض للواقعة يسر منه حسواً في ارتغاء، ويجعله ذريعة للاستيلاء على بجاية، بما كان يرى نفسه كفؤها بعده وعديده، وما سلف من قومه في حصارها، فسار من تلمسان بحر الشوك والمدر، حتى خيم بالرشة من ساحتها، ومعه أحياء زغبة بجموعهم
وظعائنهم، من لدن تلمسان، إلى بلاد حصين، من بني عامرة وبني يعقوب، وسويد، والديالم والعطاف، وحصين.
وانحجر أبو العباس بالبلد في شرذمة من الجند، أعجله السلطان أبو حمو عن استيعاب الحشد، ودافع أهل البلد أحسن الدفاع. وبعث السلطان أبو العباس عن أبي زيان ابن السلطان أبي سعيد عم أبي حمو من قسنطينة، كان معتقلاً بها، وأمر مولاه وقائد عسكره بشيراً أن يخرج معه في العساكر، وساروا حتى نزلوا بني عبد الجبار قبالة معسكر أبي حمو، وكانت رجالات زغبة قد وجموا من السلطان، وأبلغهم النذير