للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القراءة بتونس، ومعلمي كتاب الله، قرأت عليه القرآن العظيم بالقراءات السبع

وعرضت عليه قصيدتي الشاطبي في القراءة، وفي الرسم، وعرضت عليه كتاب التقصي لابن عبد البر، وغير ذلك، وأجازني بالإجازة العامة، وفي هذه بالإجازة الخاصة، وهو يروي هذا الكتاب عن القاضي أبي العباس أحمد بن محمد بن الغماز، وعن شيخه أبي العباس أحمد بن موسى البطرني بسندهما.

ومنها عن شيخنا الأستاذ أبي عبد الله محمد بن الصفار المراكشي، شيخ القراءات بالمغرب، سمعت عليه بعض هذا الكتاب بمجلس السلطان أبي عثمان ملك المغرب، وهو يسمعه إياه، وأجازني بسائره، وهو يرويه عن شيخه محدث المغرب أبي عبد الله محمد بن رشيد الفهري السبتي عن مشيخة أهل سبتة، وأهل الأندلس، حسبما ذلك مذكور في كتب رواياتهم وطرق أسانيدهم، إلا أنها لم تحضرني الآن، وفيما ذكرناه كفاية والله يوفقنا أجمعين لطاعته وهذا حين أبتلي، وبالله أهتدي.

وانفض ذلك المجلس، وقد لاحظتني بالتجلة والوقار العيون، واستشعرت أهليتي للمناصب القلوب، وأخلص النجي في ذلك الخاصة والجمهور، وأنا أنتاب مجلس السلطان في أكثر الأحيان، لتأدية الواجب من التحية والمشافهة بالدعاء، إلى أن سخط السلطان قاضي المالكية يومئذ في نزعة من النزعات الملوكية، فأبعده، وأخره عن خطة القصاء في رجب ست وثمانين وسبعمائة، ودعاني للولاية في مجلسه، وبين أمرائه فتفاديت من ذلك، وأبى إلا إمضاءه، وخلع علي، وبعث الأمراء معي إلى مقعد الحكم بمدرسة القضاء، فقمت في ذلك المقام المحمود، ووفيت عهد الله وعهده في إقامة رسوم الحق، وتحري المعدلة، حتى سخطني من لم ترضه أحكام الله، ووقع في ذلك ما تقدم ذكره، وكثر شغب أهل الباطل والمراء، فأعفاني السلطان منها لحول من يوم الولاية، وكان تقدمها وصول الخبر بغرق السفين الواصل من تونس إلى الإسكندرية، وتلف الموجود والمولود، وعظم

الأسف، وحسن العزاء، والله قادر على ما يشاء.

ثم خرجت عام تسعة وثمانين لقضاء الفرض، وركبت بحر السويس من الطور

<<  <   >  >>