للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاكين، فثارهم منه بإطلاق أيديهم في النصفة، فانتصفوا منه بقتله في ساحة القلعة، بعد أن سمر، وحمل على جمل عقاباً له، ولم يقنعهم ذلك، فأطلق أيديهم فيما شاءوا منه، ففعلوا مما فعلوا. وانفرد برقوق - بعد ذلك - بحمل الدولة ينظر في أعطافها بالتهديد، والتسديد، والمقاربة، والحرص على مكافأة الدخل بالخرج. ونقص ما أفاض فيه بنو قلاوون من الإمعان في الترف، والسرف في العوائد والنفقات، حتى صار الكيل في الخرج بالمكيال الراجح، وعجزت الدولة عن تمشية أحوالها، وراقب ذلك كله برقوق، ونظر في سد خلل الدولة منه، وإصلاحها من مفاسده، يعتد ذلك ذريعة للجلوس على التخت، وحيازة اسم السلطان من أولاد قلاوون، بما أفسد الترف منهم، وأحال الدولة بسببهم، إلى أن حصل من ذلك على البغية، ورضي به أصحابه وعصابته، فجلس على التخت في تاسع عشر رمضان من سنة أربع وثمانين، وتلقب بالظاهر. ورتب أهل عصابته في مراتب الدولة، فقام وقاموا بها أحسن قيام، وانقلبت الدولة من آل قلاوون إلى برقوق الظاهر وبنيه. واستمر الحال على ذلك، ونافسه اليلبغاوية - رفقاؤه في ولاء يلبغا - فيما

صار إليه من الأمر، وخصوصاً يلبغا نائب حلب، فاعتزم على الانتقاض. وشعر به الظاهر فبعث باستدعائه، فجاء وحبسه مده، ثم رجعه إلى نيابة حلب، وقد وغر صدره من هذه المعاملة. وارتاب به الظاهر، فبعث سنة تسعين دواداره للقبض عليه، ويستعين في ذلك بالحاجب. وانتقض، واستدعى نائب ملطية، وهو منطاش من أمراء اليلبغاوية، وكان قد انتقض قبله، ودعا نواب الشام إلى المسير إلى مصر إلباً على الظاهر، فأجابوه، وساروا في جملته، وتحت لوائه، وبلغ الخبر إلى الظاهر برقوق، فأخرج عساكره مع أمراء اليلبغاوية من أصحابه: وهم الدوادار الأكبر يونس، وجهركس

<<  <   >  >>