للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دولنا بالمغرب - الاستقلال بالدولة، والوساطة بين السلطان وبين أهل دولته، لا يشاركه في ذلك أحد. وكان لي أخ اسمه يحيى أصغر مني، فبعثته مع الأمير أبي عبد الله حافظاً للرسم، ورجعت مع السلطان إلى فاس. ثم كان ما قدمته من انصرافي إلى الأندلس والمقام بها، إلى أن تنكر الوزير ابن الخطيب، وأظلم الجو بيني وبينه.

وبينا نحن في ذلك، وصل الخبر باستيلاء الأمير أبي عبد الله على بجاية من يد عمه، في رمضان (سنة) خمس وستين، وكتب الأمير أبو عبد الله يستقدمني، فاعتزمت على ذلك، ونكر السلطان أبو عبد الله بن الأحمر ذلك مني، لا يظنه لسوى ذلك، إذ لم يطلع على ما كان بيني وبين الوزير ابن الخطيب، فأمضيت العزم، ووقع منه الإسعاف، والبر والألطاف. وركبت البحر من ساحل المرية، منتصف ست وستين. ونزلت بجاية لخامسة من الإقلاع، فاحتفل السلطان صاحب بجاية لقدومي، وأركب أهل دولته للقائي. وتهافت أهل البلد عليَّ من كل أوب

يمسحون أعطافي، ويقبلون يدي، وكان يوماً مشهوداً.

ثم وصلت إلى السلطان فحيا وفدَّى، وخلع وحَمَل؛ وأصبحت من الغد، وقد أمر السلطان أهل الدولة بمباكرة بابي، واستقلت بحمل ملكه، واستفرغت جهدي في سياسة أموره وتدبير سلطانه، وقدمني للخطابة بجامع القصبة، وأنا مع ذلك، عاكف بعد انصرافي من تدبير الملك غدوة إلى تدريس العلم أثناء النهار بجامع القصبة لا أنفك عن ذلك.

ووجدت بينه وبين ابن عمه السلطان أبي العباس صاحب قسنطينة فتنة، أحدثتها المشاحة في حدود الأعمال من الرعايا والعمال، وشب نار هذه الفتنة عرب أوطانهم من الدواودة من رياح، تنفيقاً لسوق الزبون يمترون به أموالهم. وكانوا في كل سنة يجمع بعضهم لبعض، فالتقوا سنة ست وستين بفرجيوة، وانقسم العرب عليهما. وكان يعقوب بن علي مع السلطان أبي العباس، فانهزم السلطان أبو عبد الله، ورجع إلى

<<  <   >  >>