للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لولا تكييف الله في نجائه، والعيث بعده في المنزل والولد، واغتصاب الضياع المقتناة من بقايا ما متعت به الدولة النصرية - أبقاها الله - من النِّعمة؛ فآوى إلى الوكر، وساهم في الحادث، وأشرك في الجاه والمال، وأعان على نوائب الدهر، وطلب الوتر، حتى رأى الدهر مكاني، وأمل الملوك استخلاصي، وتجاروا في إتحافي. والله المخلص من عقال الآمال، والمرشد إلى نبذ هذه الحظوظ المورطة.

وأنبأني سيدي بما صدر عنه من التصانيف الغريبة، والرسائل البليغة، في هذه الفتوحات الجليلة، وبودي لو وقع الاتحاف بها أو بعضها، فلقد عاودني الندم على ما فرطت.

وأما أخبار هذا القطر فلا زيادة على ما علمتم، من استقرار السلطان أبي إسحق ابن السلطان أبي يحيى بتونس مستبداً بأمره بالحضرة بعد مهلك شيخ الموحدين أبي محمد بن تافراكين القائم بأمره، رحمة الله عليه، مضايقاً في جبابة الوطن، وأحكامه بالعرب المستظهرين بدعوته، مصانعاً لهم بوفره على أمان الرعايا والسابلة، لو أمكن، حسن السياسة جهد الوقت، ومن انتظام بجاية محل دولتنا في أمر صاحب قسنطينة وبونة، غلاباً كما علمتم، محفلاً الدولة بصرامته وقوة شكيمته فوق طوقها، من الاستبداد والضرب على أيدي المستغلين من الأعراب، منتقض الطاعة أكثر أوقاته لذلك، إلا ما شمل البلاد من تغلب العرب، ونقص الأرض من الأطراف والوسط، وخمود ذبال الدول في كل جهة، وكل بداية فإلى تمام.

وأما أخبار المغرب الأقصى والأدنى فلديكم طلعه، وأما المشرق فأخبار الحاج هذه السنة من اختلاله، وانتقاض سلطانه، وانتزاء الجفاة على كرسية، وفساد المصانع والسقايات المعدة لوفد الله وحاج بيته، ما يسخن العين ويطيل البث، حتى لزعموا أن الهيعة اتصلت بالقاهرة أياماً، وكثر الهرج في طرقاتها وأسواقها، لما

<<  <   >  >>