ثم لما انقضت بحمد الله تعالى جميع الأشغال، وانتظمت بعون الله سائر الأحوال، ومَنَّ الله تعالى بالظفر، شرعنا مسرعين في أهبّة السفر، وذلك السيد الكريم والولي الحميم في تعاطي حَاجَاتي بنفسه مهتم على أتم الأحوال وأكمل الأمور، وبمفارقتي له مغتم، وببلوغ أربي مسرور، إلى أن كمل الاستعداد وتهيأت الرفقة والزاد.
وأُسْرِجَ جواد الأوبة، وتقوضت خيام الغيبة، وحُم يوم الفراق، واحتدم ذلك التلاق، وأضرمت تلك الأعلاق، وأعدّت الركاب، وحضر للوداع جميع الأصحاب، وتحقّق السير عن ذلك الحمى، وأشأم حادٍ كان بالأمس أتهما، وأُجريت الدموع، وطلق الهجوع، وأضرمت نيران الزفرات الأكباد والضلوع: