للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجَنَابِ كالحُبَاب، وتحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب) ولم تزل بنا تسير وتمور، وتنجدُ بين الأمواج وتغور، ونحن كما قال الشريف أبو القاسم شارحاً مقصورة حازم:

وغريبة الإنشاء سرنا فوقها ... والبحرُ يسكن تارةً ويموجُ

عُجنا نؤمُّ بها معاهدَ طَالمَا ... كرمَتْ فعاج الأنسُ حيث تعوجُ

وامتدَّ من شمس الشروق أمامنا ... نورٌ له مَرْأى هناكَ بَهيجُ

فكأنّ ماء البحر ذائبُ فضةٍ ... قد سالَ فيه من النضار خليجُ

وسرنا بعزم لا يُفكُ جدّه، ولا يتجاوز حدّه، وحزم لا يثنى رسنه، ولا يلم بعين وسنه، وجزم لا يبلغ مجتهد جدّه، ولا تعتري العجز والتواني جده، وتلك الجارية المنشيةُ تتبختر بنا على سبط البحر تبختر الجارية الناشية على بسط البرّ الى حين انتصاف ذلك النهار، فوصلنا إلى مرساة بلدة أُسْكُودار، ونزلنا في عمارة داخل البلد، وأقمنا بها إلى وقت صلاة الجمعة من الغد، فصلينا الجمعة بتلك البقعة، ثم

أسرعنا إلى التحميل مبادرين، وبادرنا إلى الرحيل مسرعين،

<<  <   >  >>